قلتُ: صباحك خير بالنّور والسّرور .. وتحيّتي – سيّدتي - إليك تحيّة مَنْ اشتاقتْ نفسه ، وطابتْ إليك ..
- قالتْ : ما ألطفَ تحيّاتك ، وما أحلى قولَك ! فأعجزتني الرّدّ .
- قلت : لا تُعجزني التّحيّة إليك ..بل إنّك أعجزت كلّ التّحايا .. فهل رأيت مَن منّا أعجز الثّاني ؟!
-- قالت : يضيع الكلام منّي حينما أقرأ كلامك ..
- قلتُ : وكيف بالّذي يكتب إليك كيف لا تضيع كلماتُه !
ولستُ في شكّ أنّك ستقرئين مقالي ؛ فقد خصصتُه لك وحدك دون النّساء .
- قالت : كلّي شوق شغوف إلى قراءته ..
- قلت : بانتظار رأيك ... واعلمي أنّ المقال وليد اللّقاء ، فجاء عفويّا حاملا صدق الشّعور بأمل البقاء ...
- قالت : ما أجمل العفويّة في كلامنا ومسلكنا .. وحياتنا ...
- قلت : صدقتِ .. فما يجئ عفو الخاطر يكن أصدق شاعر ..
- قالت : الله ... عبارتك رائعة !
- قلت : إطراؤك إكليل غار أطوّق به حروف تحيّتي ..
- قالت : ... ولعلّك بالغتَ في وصفي ورسمي في مقالك .. ولكن .. من حسن حظّي أن تراني كما تراني ..
- قلت : الويل لي إن لم أرسمك كما رأيتك في فؤادي .. وإن بالغتُ في وصفك فإنّما
- لأنّي كاتب ، والمبالغة في الوصف سحر الكاتب وسرّه المكين في سَبْرِ كلّ دفين .
- قالت : أفهم أن وصفك من واقع خيالك ..
- قلت : خيال الكاتب هو واقعه الّذي لا يعيشه سواه .. والوصف ليس خياليّا ؛ بل فيه
- من الحقيقة ما جعله خيالا أهرب إليه منه .. ولا خيال من عدم ..وإلّا فمن أين ينبع الخيال !
- قالت : ممممم .... يا عيني ..
- قلت : وتصوير الكلام يحقّق أماني الأحلام ..
- قالت : ليتني أصل في تعبيري كما وصلتَ فيه أنت ؛ حتّى لا أصمتُ أمامك ..
- قلت : صمتك فيه كلّ الكلام ...
- قالت : ليس لي سوى أن أهديك أغنية اليوم “ جمر الغضى “ .. فهلّا تقبّلتَها !
- قلت : حبّا وكرامة ... “ جمر الغضى “ .. عنوان ذكّرني بقول الفارس الشّاعر عنترة بن شدّاد العبسيّ إلى محبوبته عبلة التي خلّد اسمها مدى الزّمان “ حرامٌ عليَّ النّوم يا ابنة مالكٍ .. فمن فرشه جمر الغضى كيف يرقد “
- قالت : دعنا من صاحبيْ العينين الخالديْن عنترة وعبلة ..فما لنا سوانا .. و ما هديّتي غير كلمات رشيقة رقيقة ، أرجو لها أن يتقبّلها قلبك الرّفيق .
- قلت : سأتقبّلها ؛ لأطلّ من حروفها عليك ، وأهتدي سبيلها إليك . فما هي إلّا منك إليك ..
- قالت : ما ألطفَ مكرَك كتحيّتك ! “ جمر الغضى “ كلمات نطق بها أنينُ قلبٍ متأوّهٍ ..
- قلت : وما ذاك سوى الحبّ الّذي يخفق به الكلامُ سحراً كما يُخلَق جمادُ الصّلصال بشراً ..
- قالت : هو قلب يبثّ شكواه من بلواه ..
- قلت : “ جمر الغضى “ قلب يصرخ يستغيث .. فواحرّ قلباه
- قالت : والشعراء فرسان القلوب ..
- قلت : ما أجمل تشبيهك ! نعم هكذا هم الشّعراء فرسان القلوب ، يمتطونها بغير سرج لا يبالون الموت إلّا أن يموت حبّهم ...
- قالت : سأصمت أمامك .. فلست فارسة ....
- قلت : صمتك يُفشي بما عجز عنه اللّسان .. فلله درّ الصّمت بيانا ناطقا !
- قالت : ممممم .. ليس عندي ما أزيد ...
- قلت : دعينا نصمت .. فصمتنا يفضحه نبض قلوبنا .. ومنْ يجسّ النّبض علِمَ بالحياة قالت : لن أبوح بما خفق به فؤادي ..فالصّمت خير حوار بين قلوب توجل من الكلام ... وتخجل ...
- قلت : سأصمت معك ..وأستمع إلى قلبي .... وقلبك ...
- قالت : إذا القلوب صمتتْ ... فالعيون نطقتْ .. والشفاه لمستْ واصطبرتْ ..
- قلت : تصطرع القلوب الوُلَّه ، ويضطرم بها هُيام وجدانها و جَوى أشجا نها ..
- قالت : أشفق على القرّاء من كلام المحبّين .. دعهم ، ولا تنكأ آلام العاشقين !
- قلت : ليستمعوا متفضلّين - لا متطفّلين – لحوار قلبيْن ... !
الكاتب : المجلة || عدد الزوار : (170) || طباعة الموضوع
|